متن خطبه
احتجاج فاطمة الزهرا علیهاالسلامعلى القوم لما منعوها فدک
وقولهم لهم عند الوفاة بالامامة
روى عبداللّه بن الحسن علیه السلام باسناده عن آبائه علیهم السلام أنّه :
لَمّا أجمَعَ أبُوبَکرٍ وَعُمَرَ عَلى مَنعِ فَاطِمَةَ فَدَکاً وَصَرَفَ عامِلَها منها، وَبَلَغَها ذَلِکَ، لاثَت خِمارَها عَلى رَأسِها وَاشتَمَلَت بِجِلبابِها وَأقبَلَت فِى لُمَّةٍ مِن حَفَدَتِها وَنِساءِ قَومِها تَجُرُّ أدراعَها، تَطَأُ ذُیُولَها، ماتَخرمُ مِشیَتُها مِشیَةَ رَسُولِ اللّه صلى الله علیه و آله.
حَتّى دَخَلَت عَلى أبِى بَکرٍ وَهُوَ فِى حَشدٍ مِنَ المُهاجِرِینَ وَالأنصارِ وَغَیرِهِم.
فَنِیطَت دُونَها مُلاءَةٌ، فَجَلَسَت.. ثُمَّ أنَّت أنَّةً أجهَشَ القَومُ لَها بِالبُکاءِ، فَارتَجَّ الَمجلِس.
ثُمَّ أمهَلَت هُنَیَّةً حَتّى إذا سَکَنَ نَشِیجُ القَومِ، وَهَدَأَت فَورَتُهُم. إفتَتَحَتِ الکَلامَ بِحَمدِ اللّه ِ وَالثَّناء عَلَیهِ وَالصَّلاةِ عَلى رَسُوله، فَعادَ القَومُ فِى بُکائِهِم. فَلَمّا أمسَکُوا عَادَت فِى کَلامِها.
فَقالَت علیهاالسلام:
أبتَدِءُ بِحَمدِ مَن هُوَ أولى بالحَمدِ والطَّولِ والمَجدِ ألحَمدُ للّه ِ عَلى ما أنعمَ، وَلَهُ الشُکرُ عَلى مَا ألهَمَ، وَالثَّنَاءُ بِما قَدَّمَ، مِن عُمُومِ نِعَمٍ إبتدَأها، وَسُبُوغِ آلاءٍ أسداها، وَتَمامِ مِنَنٍ أولاها.
جَمَّ عَن الإحصاءِ عَدَدُها، وَنَأى عَنِ الجَزاءِ أمَدُها، وَتَفاوَتَ عَنِ الإدراکِ أبَدُها، وَنَدَبَهُم لاِستِزادَتِها بِالشُّکرِ لاِتِّصَالِها ، وَاستَخذَى الخَلقَ بإنزالِها ، وَاستَحمَدَ إلىَ الخَلائِقِ بِإجزالِها، وَثَنّى بِالنَّدبِ إلى أمثالِها.
وَأشهَدُ أن لا إلَهَ إلاّ اللّه ُ وَحدَهُ لا شَرِیکَ لَهُ ، کَلِمَةٌ جَعَلَ الإخلاصَ تَأویلَها، وَ ضَمَّنَ القُلُوبَ مَوصُولَها، وَ أنارَ فِى الفِکَرِ مَعقُولَها.
المُمتَنِعُ مِنَ الأبصارِ رُؤیَتُهُ، وَمِنَ الألسُنِ صِفَتُهُ، وَمِنَ الأوهامِ کَیفِیَّتُهُ.
إبتَدَعَ الأشیاءَ لا مِن شَى ءٍ کانَ قَبلَها، وَأنشَأها بِلاَ احتِذاءِ أمثِلَةٍ إمتَثَلَها.
کَوَّنَها بِقُدرَتِهِ، وَ ذَرَأها بِمَشِیّتِه، مِن غَیرِ حاجَةٍ مِنهُ إلى تَکوِینِها، وَ لا فَائِدَةٍ لَه فِى تَصویِرِها إلاّ تَثبیتاً لِحِکمَتِهِ، وَتَنبیِهاً عَلى طَاعَتِهِ، وَ إظهارَاً لِقُدرَتِهِ ، وَتَعَبُّداً لِبَرِیَّتِهِ، وَإعزازَاً لِدَعوتِهِ.
ثُمَّ جَعَلَ الثَّوابَ عَلى طَاعَتِهِ، وَ وَضَعَ العِقابَ عَلى مَعصِیَتِهِ ، ذِیادَةً لِعبادِهِ مِن نِقمَتِهِ، وَحِیَاشَةً لهم إلى جَنَّتِهِ.
وَأشهَدُ أنَّ أبِى مُحَمّدَاً عَبدُه وَرَسُولُهُ، إختارَهُ وَ انتَجَبَهُ قَبلَ أن أرسَلَهُ، وَ سَمَّاهُ قَبلَ أنِ اجتَبَلهُ، وَاصطَفاهُ قَبلَ أنِ ابتَعَثَهُ ، إذِ الخَلائِقُ بِالغَیبِ مَکنُونَةٌ، وَبِسِترِ الأهاوِیلِ مَصُونَةٌ ، وَبِنَهَایَةِ العَدَمِ مَقرُونَةٌ، عِلماً مِنَ اللّه بِمآئلِ الأُمُورِ ، وَ إحاطَةً بِحَوادِثِ الدُّهُورِ، وَمَعرِفَةً بِمَواقعِ المَقدورِ.
إبتَعَثَهُ اللّه ُ إتماماً لِأمرِهِ ، وَعَزِیمَةً عَلى إمضاءِ حُکمِهِ، وَإنفاذَاً لِمَقَادِیرِ حَتمِهِ.
فَرَأى الأُمَمَ فِرَقاً فِى أدیانِها، عُکَّفاً عَلى نیرانِها، عَابِدَةً لِأوثانِها، مُنکِرَةً للّه ِ مَعَ عِرفانِها.
فَأنَارَ اللّه ُ بِأبِى مُحَمَّدٍ صَلّى اللّه ُ عَلَیْهِ وَآلِه ظُلَمَها، وکَشَفَ عَن القُلُوبِ بُهَمَهَا، وَجَلا عَنِ الْأبْصارِ غُمَمَها ، وعن الأنفس غُمَمَها وَ قـامَ فِى النَّاسِ بِالْهِدایَةِ، فَأنقَذَهم مِنَ الغَوایَةِ، وَبَصَّرَهُم مِنَ العَمایَةِ، وَهَداهُم إلى الدِّینِ القَویِمِ، وَدَعَاهُم إلى الصِّراطِ المُستَقِیمِ.
ثُمَّ قَبَضَهُ اللّه ُ إلَیهِ قَبضَ رَأفَةٍ وَرَحمَةٍ وَاختِیارٍ وَ رَغبَةٍ وَإیثارٍ، فَمُحَمَّدٌ صلى الله علیه و آله فِى راحَةٍ من تَعَبِ هذِهِ الدّارِ مَوضوعاً عَنهُ أعباءُ الأوزارِ ، قد حُفّ بِالمَلاَئکَةِ الأبرارِ، وَرِضوانِ الرَّبِّ الغَفَّارِ، وَمُجاوَرَةِ المَلِک الجَبَّار.
صَلّى اللّه ُ عَلى أبِى نَبِیِّهِ ، وَأمِینِهِ عَلَى الوَحى وَصَفِیِّهِ، وَخِیَرَتِهِ مِنَ الخَلقِ وَرَضِیِّهِ ، وَالسَّلامُ عَلَیهِ وَرَحمَةُ اللّه ِ وَبَرَکاتُهُ.
ثُمَّ التَفَتَت إلى أهلِ الَمجلِس وَقالَت لِجَمیعِ المُهاجِرینَ والأنصارِ :
أنتُم عِبادَ اللّه ِ نَصبُ أمرِهِ وَنَهیِهِ، وَحَمَلَةُ دِیِنهِ وَوَحیِهِ، وَ أُمَناءُ اللّه ِ عَلى أنفُسِکُم، وَبُلَغاؤُهُ إلَى الأُمَمِ حَولَکُم ، زعیمُ حَقٍّ لَهُ فیکُم، وَعَهدٌ قَدَّمَهُ إلَیکُم وَ بَقِیَّةٌ استَخَلفَها عَلَیکُم.
کِتابُ اللّه ِ الناطِقُ ، وَالقُرآنُ الصَّادِقُ، وَالنُّورُ السَّاطعُ، وَالضِّیاءُ اللاَّمِعُ ، بَیِّنَةٌ بَصائِرُهُ ، وآىٌ مُنکَشِفَةٌ سَرائِرُه، وبرهانٌ فینامُنجَلیةٌ ظَوَاهِرُه، مُدیمٌ لِلبَرِیَّةِ استماعُه مُغتَبِطَةٌ بِهِ أشیاعُهُ ، قائِدٌ إلَى الرِّضوانِ إتِّباعُهُ، مُو?ٍّ إلَى النَّجاةِ استِماعُهُ.
بِهِ تُنال حُجَجُ اللّه المُنَوَّرَة ، ومواعِظُهُ المکرَّرة وَ عَزَائِمُه المُفَسَّرَة ، وَمَحَارِمُهُ المُحَذِّرَةُ، وأحکامُهُ الکافیة وَبَیِّناتُهُ الجَالیةُ، وَبَراهِینُهُ الکَافِیةُ، وجُمَلُه الشّافیة ، وَفَضائِلُهُ المَندُوبَةُ، وَرُخَصُهُ المَوهُوَبَة، وَرَحَمَتُهُ المَرجُوَّة وَشَرائِعُهُ المَکُتُوبَة.
فَجَعَلَ اللّه ُ الإیمانَ تَطهِیراً لَکُم مِنَ الشِّرکِ، وَالصَّلاةَ تَنزِیهَاً لَکُم عَنِ الکِبرِ، وَالزَّکاةَ تَزکِیَةً لِلنّـفس ، وَنَماءً فِى الرِّزقِ، وَالصِّیامَ تَثبِیتاً لِلإخلاصِ، وَالحَجَّ تَشیِیداً لِلدِّینِ، وَالعَدلَ تَنسِیقاً لِلقُلُوبِ وَتمکیناً لِلدّین وَطَاعَتَنَا نِظاماً لِلمِلَّةِ، وَإمامَتَنا أمـاناً مِنَ الفُرقَةِ ، وَالجِهادَ عِزَّاً لِلإسلامِ، وَالصَّبرَ مَعُونَةً عَلى استیِجاب الأجرِ ، وَالأمرَ بالمَعرُوفِ مَصلَحَةً لِلعامَّةِ، وَالنَّهىَ عَنِ المنکَرِ وَبِرَّ الوَالَدینِ وِقایَةً مِنَ السَّخَطِ ، وَصِلَةَ الأرحامِ مَنسَأةً فِى العُمر وَ مَنماةً لِلعَدَدِ ، وَالقِصاصَ حَقناً لِلدِّماءِ، وَالوَفَاءَ بِالنّذر تَعریضَاً لِلِمَغفرَةِ ، وَتَوفِیَةَ المَکائیلِ وَالمَوَازِینِ تَغییراً لِلبَخسِ ، وَالنَّهیَ عَن شُربِ الخَمرِ تَنزیِهاً عَن الرِّجسِ، وَ اجتِنابَ القَذفِ حِجاباً عَنِ اللَّعنَةِ ، وَتَرکَ السَّرِقَةِ إیجاباً لِلعِفَّةِ ، والتنزّهَ عَن أکلِ مالِ الیتیمِ والإستیثارِ به إجارَةً من الظُّلم، والنَّهىَ عنِ الزّنا تَحَصُّنَاً من المقتِ، وَالعَدلَ فِى الأحکامِ ایناساً للرَّعیّةِ، وترکَ الجَورِ فى الحکمِ إثباتاً لِلوَعیدِ ، وَحَرَّمَ اللّه ُ الشِّرکَ إخلاصاً لَه بالرُّبُوبِیَّةِ.
فـ «اتَّقُوا اللّه َ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنتُم مُسلِمُونَ وَلا تتوَلَوّا مدبرینَ » وَأطِیعُوا اللّه َ فِیما أمَرَکُم بِهِ وَنهاکُم عَنهُ فَإنَّهُ «إنّما یَخشى اللّه َ مِن عِبادِه العُلَماء»
فاحمَدُوا اللّه َ الذى بِعظَمَتِهِ ونُورِه ابتغى مَن فِى السَّماواتِ ومَن فِى الأرضِ إلیهِ الوسیلةَ، فنحنُ وسیلتُهُ فِى خَلقِه و نحنُ آلُ رسولِه ونحنُ خاصَّته ومحلّ قدسه ونحنُ حُجَّةُ غیبه ووَرَثَةُ أنبیائهِ
ثُمَّ قالَت علیهاالسلام:
أیُّهَا النَّاسُ! إعلَموا أنّى فَاطِمَةُ وَأبِى مُحَمَّدٌ صَلّى اللّه ُ عَلَیْهِ وَآلِه ، أقُولُ عَوداً وَبَدواً وَلاَأقُولُ مَا أقُولُ غَلَطَاً وَلاَأفعَلُ مَا أفعَلُ شَطَطَاً. فاسمَعوا إلىَّ بأسماعٍ واعِیةٍ وقُلوبٍ راعِیةٍ.
ثمّ قالَت:
«لَقَد جَاءَکُم رَسُولٌ من أنفُسِکُم عَزیزٌ عَلَیهِ مَا عَنِتُّم حَرِیصٌ عَلَیکُم بِالمُو?ِنینَ رَءُوفٌ رَّحِیمٌ» فَإن تَعزُوهُ وَتَعرِفُوهُ تَجِدُوهُ أبى دُونَ نِسائِکم ! وَأخَا ابنِ عَمّی دُونَ رِجالِکُم، وَلَنِعمَ المَعزِیُّ إلَیِه.
فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ صَادِعَاً بِالنَّذارَةِ ، مَائِلاً عَن مَدرَجَةِ المُشرِکِیِنَ ، ضَارِباً ثَبَجَهُم ، آخِذَاً بِأکظامِهِم ، دَاعِیَاً إلى سَبیلِ رَبِّهِ بِالحِکمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ.
یَکسِرُ الأصنامَ وَیَنکُثُ الهامَ، حَتَّى انهَزَمَ الجَمعُ وَ وَلَّوُا الدُّبُرَ، و حَتَّى تَفَرَّى اللَّیلَ عَن صُبحِهِ، وَأسفَرَ الحَقُّ عَن مَحضِهِ، وَنَطَقَ زَعِیمُ الدِّینِ، وهَدَأت فَورَةُ الکُفرِ وَخَرِسَت شَقَاشِقُ الشَّیاطِینِ، وَطَاحَ وَشِیظُ النّفاقِ، وَانحَلَّت عُقَدُ الکُفرِ وَالشِّقَاقِ ، وَفُهتُم بِکَلِمَةِ الإخلاصِ فِى نَفرٍ مِنَ البِیضِ الخِماصِ.
وَکُنتُم عَلى شَفَا حُفرةٍ مِنَ النَّارِ، فَأنقَذَکُم مِنها نبیُّهُ، تَعبُدوُونَ الأصنَامَ وتَستَقسِمُونَ بإلأزلامِ، مُذقَةَ الشّارِبِ، وَ نُهزَةَ الطّامِعِ، وقَبسَةَ العَجلانِ، وَمُوطِى ءَ الأقدامِ.
تَشرَبُونَ الطَّرقَ ، وَ تَقتَاتُونَ الوَرَقَ ، أذِلَّةً خاسِئِینَ ، تَخَافُونَ أن یَتَخَطَّفَکُمُ النَّاسُ مِن حَولِکمُ.
فَأنقَذَکُم اللّه ُ تَبارَکَ وَتَعالى، بنبیّه مُحَمَّد صَلّى اللّه ُ عَلَیْهِ وَآلِه بَعدَ اللَّتیَّا وَالَّتی، وَبَعدَ أن مُنِىَ بِبُهمِ الرِّجالِ، وَذُؤبانِ العَرَبِ، وَ مَرَدَةِ أهَلِ الکِتَابِ.
کُلَّمَا أوقَدُوا نَاراً لِلحَربِ أطفَأَهَا اللّه ُ، أو نَجَمَ قَرنُ الشَّیطانِ ، أو فَغَرَت فَاغِرَةٌ مِنَ المُشرِکِینَ قَذَفَ أخَاهُ فِى لَهَواتِها، فَلا یَنکَفِى ءُ حَتَّى یَطَأَ صِماخَها بِأخمَصِهِ، وَ یُخمِدَ لَهَبَها بِسَیفِهِ ، مَکدُودَاً دَؤُوباً فِى ذاتِ اللّه ِ ، مُجتَهِدَاً فِى أمرِ اللّه ِ ، قَرِیبَاً مِن رَسُولِ اللّه ِ، سَیِّدَاً فى أولیاءِ اللّه ِ، مُشَمِّراً نَاصِحَاً مُجِدَّاً کَادِحَاً.
وَأنتُم فِى رَفاهِیَّةٍ مِنَ العَیشِ، وَادِعُون فَاکِهُونَ آمِنُونَ، تَتَرَبَّصُونَ بِنَا الدَّوائِرَ ، وَتَتَوکَّفُونَ الأخبَارَ، وَتَنکِصُونَ عِند النَّزالِ، وَتَفِرُّونَ مِنَ القِتال.
فَلَمَّا اختَارَ اللّه ُ لِنَبیِّهِ دَارَ أنبِیائِهِ، وَمَأوَى أصفِیائِهِ ، وأتمّ علیه ما وعَدَه ظَهَرَ فِیکُم حَسِکَةُ النِّفاق ، وَسَمَلُ جِلبابُ الدِّینِ وأخلق ثَوبُه، ونَحَلَ عظمُه وأودَت رمّتُهُ ، وَنَطَقَ کَاظِمُ الغَاوِینَ، وَنَبَغَ خَامِلُ الأقلّینَ ، وَهَدَرَ فَنِیقُ المُبطِلِینَ. فَخَطَرَ فِى عَرَصَاتِکُم، وَ أطلَعَ الشَّیطانُ رَأسَهُ مِن مَغرِزِهِ هَاتِفَاً بِکُم فَألفاکُم لِدَعوَتِهِ مُستَجِیبِینَ، ولِلعِزّةِ فِیهِ مُلاحِظِینَ. ثُمَّ استَنهَضَکُم فَوَجَدَکُم خِفافاً، وَ أحمَشَکُم فَألفاکُم غِضابَاً، فَوَسَمتُم غَیرَ إبِلِکُم، وَوَرَدتُم غَیرَ مشربِکُم.
هَذا وَالعَهدُ قَریبٌ، وَالکَلمُ رَحیبٌ، وَالجُرحُ لَمَّا یَندَمِلُ، وَالرَّسُولُ لَمَّا یُقبَر. إبتِداراً زَعَمتُم خَوفَ الفِتنَة «أَلاَ فِى الفِتنَةِ سَقَطُوا وَإنَّ جَهَنَّمَ لَمحِیطَةٌ بِالکَافِرِینَ»
فَهَیهَاتَ مِنکُم! وَکَیفَ بِکُم؟! وَأنَّى تُؤفَکُونَ؟ وَکِتَابُ اللّه ِ بَینَ أظهُرِکُم. أُمُورُهُ ظَاهِرَةٌ، وَأحکامُهُ زَاهِرَةٌ، وَأعلامُهُ بَاهِرَةٌ، وَ زَوَاجِرُهُ لاَئِحَةٌ، وَ أوامِرُهُ وَاضِحَةٌ، وَ قَد خَلَّفتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِکُم.
أَ رَغبَةً عَنهُ تُریدُون؟! أم بِغَیرِهِ تَحکُمُونَ؟! «بِئسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلاً»«وَمَن یَبتَغِ غَیرَ الإسلامِ دِیناً فَلَن یُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرینَ
ثُمَّ لَم تَلبَثُوا إلاَّ رَیثَ أن تَسکُنَ نَفرَتُها، وَ یَسلَسَ قِیادُهَا، ثُمَّ أخَذتُم تُورُونَ وَقدَتَهَا، وَتُهَیِّجُونَ جَمرَتَها. وَتَستَجِیبُونَ لِهِتَافِ الشَّیطَانِ الغَوِىِّ، وَإطفاءِ أنوارِ الدِّینِ الجَلِیِّ، وَإهمَادِ سُنَنِ النَبىِّ الصَّفىِّ.
تُسرّونَ حَسواً فِى ارتِغَاءٍ ، وَ تَمشُونَ لِأهلِهِ وَ وُلدِهِ فِى الخَمرَة والضَّرّاءِ ، وَنَصبرُ مِنکُم على مِثلِ حَزِّ المُدى وَ وَخزِ السِّنانِ فِى الحَشا.
وَأنتُم الآنَ تَزعَمُون : أن لا إرثَ لَنا «أفَحُکم الجاهلیَّةِ تَبغُون وَ مَن أحسَنُ مِنَ اللّه حُکماً لِقَومٍ یُوقِنُون» أفلا تَعلَمونَ؟ بَلى قَد تَجَلَّى لَکُم کَالشَّمسِ الضَّاحِیةِ أنِّى ابنَتُهُ.
أیَّها المُسلِمُون!! أَأُغلَبُ عَلى إرثَیه ؟
یَابنَ أبِى قُحافَةَ! أفِى کِتابِ اللّه ِ أن تَرِثَ أباکَ وَ لاَ أرِثُ أبِى؟! لَقَد جِئتَ شَیئاً فَرِیّاً.
جُرأةً منکم على قطیعةِ الرَحِمِ ونکث العهدِ أفَعَلى عَمدٍ تَرَکتُم کِتَابَ اللّه ِ وَنَبَذتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِکُم؟ إذ یَقُولُ اللّه تبارک وتعالى: «وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ دَاوُدَ»
وَقَالَ فِیمَا اقتَصَّ مِن خَبَرِ یَحیَى بنِ زَکَریّا عَلَیْهِ السّلام. إذ قَالَ: «فهَب لِى مِن لَّدُنکَ وَلِیَّاً یَرِثُنِى وَیَرِثُ مِن آلِ یَعقُوبَ»
وَقَالَ: «وَأُولُوا الأرحَامِ بَعضُهُم أولَى بِبِعضٍ فِى کِتَابِ اللّه ِ»
وَقَالَ: «یُوصیِکُمُ اللّه ُ فِى أولاَدِکُم لِلذَّکَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَیَینِ»
وَقَالَ: «إن تَرَکَ خَیراً الوَصِیَّةُ لِلوَالِدَینِ وَلأقرَبِینَ بِالمَعرُوفِ حَقَّاً عَلَى المُتَّقیِنَ»
وَزَعَمتُم أن لا حُظوَةَ لِى وَلا إرْثَ مِنْ أبِى ولا رَحِمَ بیننا ؟!
اَ?خَصَّکُمُ اللّه ُ بِآیَةٍ أَخرَجَ مِنهَا أبِى صَلّى اللّه ُ عَلَیْهِ وَآلِه ؟!
أَم هَل تَقُولُونَ: إنَّ أَهلَ المِلَّتینِ لاَیَتَوارَثَانِ ؟!، أَوَ لَستُ أَنَا وأَبِى مِن أَهلِ مِلّةٍ وَاحِدَةٍ؟! أم أُنتُم أعلَمُ بِخُصُوصِ القُرآنِ وَعُمُومِه مِن أبِى وَابنِ عَمِّى ؟!
فَدُونَکَهَا مَخطُومَةً مَرحُولَةً مزمومَةً. تَلقَاکَ یَومَ حَشرِکَ. فَنِعمَ الحَکَمُ اللّه ُ، وَالزَّعِیمُ مُحَمَّدٌ صَلّى اللّه ُ عَلَیْهِ وَآلِه وَالمَوعِدُ القِیامةُ. وعمّا قَلیلٍ تُؤفکونَ وَعِندَ السَّاعَةِ یَخسَرُ المُبطِلونَ، وَلاَ یَنفَعُکُم إذ تَندَمُونَ ، وَ «وَلِکُلِّ نَبَأٍ مُستَقَرٌّ وَسَوفَ تَعلَمُونَ»«مَن یَأتِیهِ عَذابٌ یُخزیِهِ وَیَحِلُّ عَلَیِه عَذابٌ مقیمٌ»
... ثُمَّ رَمَت بِطَرفِها نَحوَ الأنصارِ ، فَقَالَت:
یَا مَعاشِرَ الفتیة وَأعضادَ المِلَّةِ ، وَأنصَارَ الإسلامِ! مَا هذِهِ الغَمِیزَةُ فِى حَقِّى، وَالسِّنَّةُ عَن ظُلاَمَتِى؟
أمَا کَانَ رَسُولُ اللّه ِ صلى الله علیه و آله أبِى یَقُولُ: المَرءُ یُحفَظُ فِى وُلدِهِ» ؟!.
سَرعانَ مَاأحدَثتُم، وَعَجلاَنَ ذَا إهالَةٍ! وَ لَکُم طَاقَةٌ بِمَا أُحاوِلُ، وُقُوَّةٌ عَلَى مَاأطلُبُ وَ أُزاوِلُ.
أتَقُولُونَ مَاتَ مُحَمُّدٌ رَسُولُ اللّه ِ فَخَطبٌ جَلِیلٌ، إستَوسَعَ وَهنُه ، وَاستَنهَرَ فَتقُهُ، وَانفَتَقَ رَتقُهُ ، وَأُظلِمَت الأرضُ لِغَیبَتِهِ وَکُسِفَت الشَّمسُ وَالقَمَرُ وَإنتَثَرَتِ الُّنجومُ لِمُصیبَتِهِ ، وَ أکدَتِ الاْمالُ وَخَشَعَتِ الجِبَالُ، وَأُضِیعَ الحَرِیمُ، وَأُزِیلَتِ الحُرمَةُ عِندَک مَمَاتِهِ.
فَتِلکَ وَاللّه ِ النَّازِلَةُ الکُبرى، وَالمُصیِبَةُ العُظمى، لاَ مِثَلُها نَازِلَةٌ، وَلا بَائِقَةٌ عاجِلَةٌ. أعلَنَ بِهَا کِتَابُ اللّه ِ جَلَّ ثَناؤُه فِى أفنِیتکُم وَفِى مُمساکُم وَمُصبَحِکُم، یهتفُ بِها فى أسماعِکُم هِتافاً وَصُراخاً، وتِلاوَةً وألحاناً ، وَلَقَبلَهُ مَا حَلَّ بِأنبِیاءِ اللّه ِ وَرُسُلِهِ، حُکمٌ فَصلٌ وَ قَضَاءٌ حَتمٌ ، «وَمَا مُحَمَّدٌ إلاّ رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أفَإن مَاتَ أو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلَى أعقابِکُم وَ مَن یَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَیهِ فَلَن یَضُرَّ اللّه َ شَیئاً وَ سَیَجزِى اللّه ُ الشّاکِرِینَ»
أیهاً بَنِى قَیلَةَ!! أَأُهضَمُ تُرَاثُ أبِى وَأنتُم بِمَرًأى مِنِّى وَمَسمَعٍ وَمُنتَدىً ومَجمَعٍ ؟!
تَلبَسُکُمُ الدَّعوَةُ، وَتَشمِلُکُمُ الخَبرَةُ ، وَأنتُم ذَوُو العَدَدِ وَالعُدَّةِ ، والأداةِ وَالقُوَّةِ، وَعِندَکُمُ السِّلاحُ وَالجُنَّةُ، تُوَافِیکُمُ الدَّعوَةُ فَلاَتُجِیبُونَ، وَتَأتِیکُمُ الصَّرخَةُ فَلاَ تُغِیثُونَ، وأنتُم مَوصُوفُونَ بالکِفاح، مَعرُوفُونَ بِالخَیرِ وَالصَّلاَحِ.
وأنتم الأولى نُّخبَةُ اللّه ِ الَّتى انتُخِبَت، وَالخِیَرَةُ الَّتی اختِیرَت لَما أهل البیت قَاتَلتُمُ العَرَبَ وبادَهتُمُ الاُمُورَ ، وَ تَحَمَّلتُم الکَدَّ وَالتَّعَبَ ، وَنَاطَحتُمُ الأُمَمَ، وَکَافَحتُمُ البُهَمَ.
لاَ نَبرَحُ أو تَبرَحُونَ، نَأمُرُکُم فَتَأتَمِرونَ. حَتَّى إذَا دَارَت لَکم بِنَا رَحَى الإسلامِ، وَ دَرَّ حَلَبُ الأیَّامِ ، وَخَضَعَت ثُغرَةُ الشِّرکِ، وَ سَکَنَت فَورَةُ الإفکِ ، وَخَمَدَت نِیرانُ الکُفرِ ، وَهَدَأَت دَعوَةُ الهَرجِ ، وَاستَوسَقَ نِظَامُ الدِّینِ.
فَأنّى حِرتُم بَعدَ البَیَانِ؟ وَأسرَرتُم بَعدَ الإعلانِ، وَنَکَصتُم بَعدَ الإقدامِ، وَأشرَکتُم بَعدَ الإیمانِ. عَن قَومٍ نَکَثُوا أیمانَهُم مِن بَعدِ عَهدِهِم وطعنوا دینکم.
«فَقاتِلُوا أئِمَّةَ الکُفرِ إنَّهُم لا أیمانَ لَهُم لَعَلَّهُم یَنتَهُونَ» « أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوماً نَکَثُوا أَیمَانَهُم وَهَمُّوا بِإخرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوکُم أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخشَونَهُم فَاللّه ُ أَحَقُّ أَن تَخشَوهُ إن کُنتُم مُؤمِنِینَ»
ألا وَقَد أرى أن قَد أخلَدتُم إلَى الخَفضِ، وَأبعَدتُم مَن هُوَ أحَقُّ بِالبَسطِ وَالقَبضِ وَخَلَوتُم بِالدَّعَةِ ، ونَجَوتُم مِن الضِّیقِ بالسِّعَةِ فَعُجتُم عَنِ الدین فَمَجَجتُم ما وَعَیتُمُ ، وَدَسَعتُم الَّذِى تَسَوَّغتُم«فَإن تَکفُرُوا أنتُم وَمَن فِى الْأرضِ جَمِیعاً فَإنَّ اللّه َ لَغَنِىٌّ حَمِیدٌ»
ألا وَقَد قُلتُ مَا قُلتُ عَلَى مَعرِفَةٍ مِنِّى بِالخَذلَةِ الَّتِى خَامَرَتکُم، وَالغَدرَةِ الَّتِى إستَشعَرَتهَا قُلُوبُکُم. وَلَکِنَّها فَیضَةُ النَّفسِ، وَنَفثَةُ الغَیظِ، وَ خَوَرُ القَناةِ وَضعف الیقین وَبَثَّةُ الصَّدرِ، وَتَقدِمَةُ الحُجَّةِ.
فَدُونَکُمُوها فَاحتَقِبُوهَا دَبَرَةَ الظَّهرِ، نَقِبَةَ الخُفِّ، بَاقِیَةَ العَارِ، مَوسُومَةً بِغَضَبِ الجبار وَشَنَارِ الأبَدِ، مَوصُولَةً بـ «نارُ اللّه ِ المُوقِدَةُ الَّتى تَطَّلِعُ عَلَى الْأفْئِدَةِ إنها عَلیهم مؤصدةٌ فى عمدٍ مُمَدَّدَة » فَبِعَینِ اللّه ِ مَاتَفعَلُونَ؟«وَسَیَعلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أىَّ مُنقَلَبٍ یَنقَلِبُونَ» وَأنَا اِبنَةُ نَذِیرٍ لَکُم بَینَ یَدَی عَذَابٍ شَدِیدٍ فاعمَلُوا «إنَّا عَامِلونَ * وَانتَظِرُوا إنَّا مُنتَظِرُونَ» «وَسَیَعلَمُ الکُفّارُ لِمَن عُقبَى الدّارِ» «وَقُلِ اعمَلُوا فَسَیَرَى اللّه ُ عَمَلَکُم وَرَسُولُهُ وَالمُو?ِنُونَ»«وَکُلَّ إنسانٍ ألزَمناهُ طائِرَهُ فى عُنُقِهِ»«فَمَن یَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَیراً یَرَهُ * وَمَن یَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا یَرَهُ» وکان الأمرُ قد قُصِرَ
فَأجابَها أبُوبَکرٍ عَبدُاللّه ِ بنُ عُثمانَ وَقَالَ:
صَدَقتِ یَا بِنتَ رَسُولِ اللّه ِ صلى الله علیه و آله لَقَد کَانَ أبُوکِ بِالمُؤمِنِینَ عَطُوفَاً کَرِیَماً رَؤُوفاً رَحِیَماً، وَعَلَى الکافِرِینَ عَذَاباً ألِیماً، وَ عِقَابَاً عَظِیَماً.
إن عَزَوناهُ وَجَدناهُ أباکِ دُونَ النِّسَاءِ، وَأخَا إلفِکِ دُونَ الْأخِلاَّءِ ، آثَرَهُ عَلى کُلِّ حَمِیمٍ وَسَاعَدَهُ فى کُلِّ أمرٍ جَسِیمٍ.
لا یُحِبُّکُم إلاّ کُلُّ سَعِیدٍ، وَلایُبغِضُکُم إلاّ کُلُّ شَقِیّ. فَأنتُم عِترَةُ رَسُولِ اللّه ِ الطَّیِّبُونَ الخِیَرَةُ المُنتَجِبُونَ ، عَلَى الخَیرِ أدِلَّتُنا وَإلَى الجَنَّةِ مَسَالِکُنا.
وَأنتِ یا خِیَرَةَ النِّساءِ، وَابنَةَ خَیرِ الأنبِیاء، صَادِقَةٌ فِى قَولِکِ، سَابِقَةٌ فِى وُفُورِ عَقلِکِ، غَیرُ مَردُودَةٍ عَن حَقِّکِ، وَلاَ مَصدُودَةٍ عَن صِدقکِ. وَاللّه ِ مَا عَدَوتُ رَأىَ رَسُولِ اللّه ِ صلى الله علیه و آلهوَلاَ عَمِلتُ اِءلاّ بِإذنِه! وَأنَّ الرَّائِدَ لا یَکذِبُ أهلَهُ. وَإنِّى أُشهِدُ اللّه ِ ـ وَکَفَى بِهِ شَهیِداً ـ أنَّى سَمِعتُ رَسُولَ اللّه ِ صلى الله علیه و آلهیَقُولُ: «نَحنُ مَعَاشِرَ الأنبِیاءِ لا نُوَرِّثُ ذَهَباً ولافِضَّةً وَ لا داراً وَلاَ عِقَاراً، وَ إنَّما نُوَرِّثُ الکِتَابَ والحِکمَةَ والعِلمَ والنُبُوَّةَ. وَمَا کَانَ لَنَا مِن طُعمَةٍ فَلِوَلِیِّ الأمرِ بَعدَنا أن یَحکُم فِیهِ بِحُکمِهِ».
وَقَد جَعَلنا مَا حَاوَلتِهِ فِى الکُراعِ وَالسِّلاَحِ، یُقاتِلُ بِها المُسلِمُونَ، وَیُجَاهِدُونَ الکُفَّارَ، وَیُجالِدُونَ المَرَدَةَ الفُجَّارَ. وَذلَکَ بِإجمَاعٍ مِنَ المُسلِمِینَ، لَم أنفَرِد بِه وَحدِى، وَلَم أستَبِدَّ بِمَا کَانَ الرَّأىُ عِندِى. وَهَذِهِ حَالِى وَمَالِى هِىَ لَکِ وَبَینَ یَدَیکِ لا نَزوِى عَنکِ وَلانَدَّخِرُ دُونَکِ. وَأَنتِ سَیِّدَةُ أُمَّةِ أبِیکِ، وَالشَّجَرَةُ الطَّیِّبَةُ لِبَنِیکِ، لاَ نَدفَع مالَکِ مِن فَضلِکِ وَلاَ یُوضَعُ فِى فَرعِکِ وَأصلِکِ. حُکمُکِ نَافِذٌ فیِما مَلَکَت یَدایَ، فَهَل تَرینَ أن أُخَالِفَ فِی ذَلِکَ أباکِ ؟!.
فقالت علیهاالسلام:
سُبحانَ اللّه ِ! مَا کَانَ أبِى رَسُولُ اللّه ِ صلى الله علیه و آله عَن کِتابِ اللّه ِ صادِفَاً ولاَ لِأحکامِهِ مُخالِفاً، بَل کَانَ یَتَّبَعُ أثَرَهُ، وَیَقفُو سُوَرَه، أفَتَجمَعُونَ إلَى الغَدرِ اعتِلالاً عَلَیهِ بِالزُّورِ؟ وَهَذَا بَعدَ وَفَاتِهِ شَبِیهٌ بِمَا بُغِیَ لَهُ مِنَ الغَوائِل فِی حَیَاتِهِ.
هَذَا کِتَابُ اللّه ِ حَکَماً عَدلاً، وَناطِقاً فَصلاً.یَقولُ عَن نَبِىٍّ مِن أنبیائِهِ : «یَرِثُنِى وَیَرِثُ مِن آلِ یَعقُوبَ» وَیَقولُ:«وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ داوُودَ»
فَبَیَّنَ عَزَّوَجَلَّ فِیما وَزَّعَ مِنَ الْأقْساطِ، وَشَرَّعَ مِنَ الفَرائِضِ وَالْمِیراثِ، وَأبَاحَ مِن حَظِّ الذُّکرانِ وَالإنَاثِ مَا أزَاحَ بِه عِلَّةَ المُبطِلِینَ، وَ أزالَ التَظَنِّى وَالشُّبُهَاتِ فِى الغَابِرِینَ. «کلاّ بَل سَوَّلَت لَکُم أَنفُسُکُم أَمراً فَصَبرٌ جَمِیلٌ وَاللّه ُ المُستَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ»
فَهذان نَبیّانِ ، وَقَد عَلِمتَ ، أنَّ النُبوَّةَ لا تورَثُ وإنَّما یُورَثُ ما دُونَها، فَما لى أُمنَعُ إرثَ أبى؟ أ أنزَلَ اللّه ُ فى کِتابِه: إلاّ فاطِمَةَ بنتَ مُحَمَّدٍ»؟! فَدُّلّنى عَلیهِ أقنَعُ بِه !
فَقَالَ لَها علیهاالسلام أبُوبَکرٍ:
صَدَقَ اللّه ُ وَصَدَقَ رَسُولُهُ وَصَدَقَت إبنَتُهُ. أنتِ مَعدِنُ الحِکمَةِ، وَمَوطِنُ الهُدَى وَالرَّحمَةِ، وَ رُکنُ الدِّینِ، وَ عَینُ الحُجَّةِ وَلاَ أُبعِدُ صَوابَکِ، وَلاَ أُنکِرُ خِطابَکِ.
هـؤُلاءِ المُسلِمُونَ بَینِى وَبَینَکِ. قَلَّدُونِى مَا تَقَلَّدتُ، وَ بِاتِّفاقٍ مِنهُم أخَذتُ مَا أخَذتُ، غَیرَ مُکَابِرٍ وَلا مُستَبِدٍّ وَلا مُستَأثِرٍ، وَهُم بِذلِکَ شُهُودٌ.
فَالتَفَتَت فَاطِمَةُ علیهاالسلام إلَى النَّاسِ وَقَالَت:
مَعاشِرَ النَّاسِ ! المُسرِعَةِ إلى قِیلِ الباطِلِ، المُغضِیَةِ عَلَى الفِعلِ القَبِیحِ الخَاسِر «أفلاَ یَتَدبَّرُونَ القُرآنَ أم عَلَى قُلُوبٍ أقفالُها» «کَلاَّ بَل رَانَ عَلَى قُلوبِکُم» مَا أسَأتُم مِن أعمَالِکُم، فَأخَذَ بِسَمعِکُم وَأبصارِکُم، وَلَبِئسَ مَا تَأوَّلتُم، وَسَاءَ مَا بِهِ أشَرتُم، وَشَرَّ مَا مِنهُ اِعتَضَتُم. لَتَجِدُنَّ واللّه ِ مَحمِلَهُ ثَقِیلاً، وَغِبَّهُ وَبِیلاً، إذَا کُشِفَ لَکُمُ الغِطَاءُ، وَبانَ ماوَرَاءَهُ الضَّرّاء ، وَبَدا لَکُم مِن رَبِّکُم ما لَم تَکُونُوا تَحتَسِبُون «وَخَسِرَ هُنِالِکَ المُبطلونَ»
ثُم عَطَفَت عَلى قَبرِ النَّبِى صلى الله علیه و آله وَقالَت:
1 - قَد کانَ بَعدَکَ أنباءٌ وَهَنبَثَةٌ***لَو کُنتَ شَاهِدَها لَم تَکثُرِ الخَطبُ
2- إنّا فَقَدناکَ فَقدَ الأرضِ وَابِلَهَا***وَاختَلَّ قَومُکَ وَاشهَدهُم وَقَد نُکِبوا
3- وَکُلُّ أهلٍ لَهُ قُربى وَمَنزِلَةٌ***عِند الإلَهِ عَلَى الأدنِینَ مُقتَرِبُ
4- أبدَت رِجالٌ لَنا نَجوى صُدوُرِهِم***لَمَّا مَضَیتَ وَحالَت دُونَکَ التُّرَبُ
5- تَجَهَّمَتنا رِجَالٌ وَاستَخِفَّ بِنَا***لَمّا فُقِدتَ وَکُلُّ الأرضِ مُغتَصَبٌ
6- وَکُنتَ بَدرَاً وَنُوراً یُستَضاءُ بِهِ***عَلَیکَ تَنزِلُ مِن ذِى العِزَّةِ الکُتُبُ
7- وَکَانَ جِبرِیلُ بِالآیاتِ یُو?ِسُنَا***فَقَد فُقِدتَ فَکُلُّ الخَیرِ مُحتَجِبٌ
8- فَلَیتَ قَبلَکَ کان المَوتُ صادَفَنا***لَمّا مَضَیتَ وحالَت دُونَکَ الکُثُبُ
9- إنَّا رُزئنا بِما لَم یُرزَ ذُو شَجَنٍ***مِنَ البَرِیَّةِ لاعُجمٌ ولاعَرَبٌ
10- سَیَعلَمُ المُتوّلى ظُلمَ حامَتِنا***یَومَ القیمة اَنّى سَوفَ یَنقَلِبُ
11- وَسَوفَ نَبکِیکَ ما عِشنا وما بَقِیَت***لَهُ العُیُونُ بِتِهمالٍ لَهُ سَکَبٌ
12- وَقَد رُزِینا بِه مَحضاً خَلِیقَتُهُ***صافى الضَّرآئبِ وَالاَْعْراقِ والنَّسَبُ
13- فَاَنتَ خَیرُ عِبادِاللّه ِ کُلِّهِم***وَاَصدَقُ النّاسِ حینَ الصّدق وَالکَذِبُ
14- وَکانَ جِبریلُ رُوحُ القُدسِ زآئِرَنا***فَغابَ عنّا فَکُلُّ الخیرِ مُحتجبٌ
15- ضاقَت عَلىَّ بِلادٌ بَعدَ ما رَحُبَت***وَسِیمَ سِبطاکَ خَسفَا فِیهِ لى نَصَبٌ
16- فَاَنتَ وَاللّه ِ خَیرُ الخَلقِ کُلِّهم***وَاَصدقُ النّاسِ حَیثُ الصِّدق والکذبُ
ثُم انکَفَأت وأمِیرُالمُو?ِمنینَ علیه السلام یَتَوَقَّع رُجُوعَها إلَیهِ، وَیَتَطَلَّعُ طُلوعَها عَلَیهِ.
فَلَمَّا استَقَرَّت بِهَا الَّدارُ، قَالَت لاِ?میرِالمُو?ِمنِین علیه السلام:
یَابنَ أبِى طالِب! إشتَمَلتَ شَملَةَ الجَنِینِ، وَقَعَدتَ حُجرَة الظَّنِینِ؟! نَقَضتَ قَادِمَةَ الأجدَلِ، فَخانَکَ رِیشُ الأعزَلِ؟! هَذَا ابنُ أبِى قُحَافَةَ، یَبتَزُّنِى نِحلَةَ أبِى وَبُلغَةَ ابنَىَّ. لقد أجهَدَ فِى خِصامِى، وألفَیتُهُ ألَدَّ فِى کَلاَمِى، حَتَّى حَبَسَتنى قَیلَةُ نَصرَهَا، وَالمُهاجِرَةُ وَصلَهَا، وَغَضَّتِ الجَمَاعَةُ دُونِى طَرفَهَا، فَلاَ دَافِعَ وَلاَمَانِعَ.
خَرجتُ کَاظِمةً، وَعُدتُ رَاغِمَةً! أضرَعتَ خَدَّکَ یَومَ أضَعتَ حَدَّکَ؟ إفتَرَستَ الذِّئابَ، وَافتَرشتَ التُّرابَ، مَا کَفَفتَ قَائِلاً، وَلاَ أغنَیتَ طَائلاً وَلاخِیارَ لِى.
لَیتَنِى مِتُّ قَبل هُنیئَتِى، وَ دُونَ ذِلَّتِى! عَذِیریَ اللّه ُ مِنه عادِیاً، وَمِنکَ حَامِیاً.
وَیلاىَ! فِى کُلِّ شَارِقٍ! وَیلاىَ فِى کُلّ غَارِبٍ! مَاتَ العَمَدُ، وَوَهَن العَضُدُ. شَکوایَ إلَى أبِی وَ عَدواىَ إلَى ربِّی.
أَللَّهمَّ أنتَ أشدُّ مِنهُم قُوَّةً وَ حَولاً، وأشَدُّ بَأساً وَتَنکِیلاً.
فَقَالَ أمِیرُالمُو?ِمنینَ علیه السلام:
لا وَیلَ عَلَیکِ، بَلِ الوَیلُ لِشانِئِکِ. ثُم نَهنِهى عَن وَجدِکِ یَا ابنَةَ الصَّفوَةِ وَبَقِیَّةَ النُّبُوَّة.
فَما وَنَیتُ عن دینی وَلاَ أخطَأتُ مَقدُوری. فَإن کُنتِ تُریدینَ البُلغَةَ فَرِزقُکِ مَضمُونٌ، وَکَفیلُکِ مَأمُونٌ، وَمَا أُعِدَّ لَکِ أفضَلُ مَمَّا قُطِعَ عَنکِ، فَاحتَسِبِى اللّه َ.
فقالَت علیهاالسلام: حَسبِىَ اللّه ُ. وَأمسَکَت.
امروز چهلمین روز پر کشیدن محمد عزیز هست.
چهل روز پیش حوالی ساعت شانزده و چهل دقیقه در حالیکه سه سال و دو ماه داشت جلو چشمم پرپر شد. در این چهل روز غم انگیز هنوز آخرین شیرین زبانی ها، صحنه تصادف، جسم بی جان و... در ذهنم مرور می شود. به یاد آخرین نفس هایش:
« داغ جگر سوز »
نفس بابا نفست بالا نمیاد
شرمنده ام من تا ابد ای داد بیداد
قربون چشمای قشنگ تو عزیزم
نمیخوام بعد رفتنت اشکی بریزم
چیکار کنم با این دل پر غصه و غم
صورت ماهت باباجون نمیره یادم
یه آه جانسوز همیشه همراهمونه
که همه ی وجودمونو میسوزونه
چراغ خونمون چرا گشتی تو خاموش
تو دامن زهرا نکن ما رو فراموش
محمد بابا بشم قربون چشمات
دلتنگتیم همه، تو خونه خالیه جات
هر گوشه خونه پر از خاطره هاته
بازی و شیرین کاری بچگی هاته
صفای خونه شادی رفته از تو خونه
بابا خیلی دوستت داریم خدا میدونه
از وقت پرکشیدنت تو آسمونا
آرامشی نمونده توی خونه ما
تو راه حرم کریمه پر کشیدی
حال بابا رو بعد رفتنت ندیدی
صد بار مردم بس که اون لحظه زدم داد
وقتی دیدم کاری زدستم برنمیاد
دنیا خراب شد انگاری روی سر من
وقتی که گفتن جون دادی تاج سر من
رفیق نیمه راه نبودی تو عزیزم
نمیتونستم بی تو از جا بر بخیزم
شرمنده ام هستی من صد ناله و آه
تقدیر ما اینجوری بود الحمدلله
پر بکشی جلو چشم تا آسمونا
یه خراش هم نیفته روی تن بابا
چه سخته نفس کشیدن بعد تو حالا
شرمنده ام که زنده ام بعد تو بابا
بهار من کاشکی به جات من رفته بودم
خزون شدنتو گلم ندیده بودم
بدون تو دنیا برام تیره و تاره
از در و دیوار انگاری غصه میباره
ولی ما نمیدونیم حکمت خدا رو
فقط خودش میدونه مصلحت ما رو
راضی باید باشیم به تقدیر الهی
امتحان میکنه ما رو اینجوری گاهی
نمیشه تقدیر خدا رو جابجا کرد
وسوسه های شیطونو باید رها کرد
خدا میگه: خدا منم، تو بندگی کن
توکلت به من باشه و زندگی کن
خودم مقدر میکنم بهترینا رو
با یاد من زنده نگه دارید دلا رو
از صبر و نماز همیشه کمک بگیرید
سرزنش دشمنا رو به دل نگیرید
بابا اگه صبور نباشیم ما در این داغ
نصیب ما نمیشه غیر از سوز فراغ
«ان کُنتَ باکیاً» یعنی گریه همیشه
اگه برا حسین باشه قیمتی میشه
یعنی باید هدف بدیم به گریه هامون
تا ارزش پیدا بکنه این ناله هامون
با همه این ها باباجون سخته فراغت
بابابزرگ هنوزم میگیره سراغت
نمیدونه تو خیلی وقته تو بهشتی
ما رو با داغ رفتنت تنها گذشتی
دلخوشیمون حالا به عکست توی قابه
یا دیدن چهره ماهت توی خوابه
محرومم از بوسه به صورت لطیفت
بغل گرفتن همه جسم شریفت
مسافر بهشت، خدا باشه نگهدار
زنده میمونیم فقط به امید دیدار
بگیر با اون دستای کوچیک دست ما رو
مهربونم دعا بکن همیشه ما رو
دعا بکن که مادر از غصه نمیره
دلبستگیت به مادر رو یادم نمیره
یادته عزیز دلم قصه مادر
برات میگفت همیشه از علی اصغر
هم درد رباب شده اما حالا مادر
تو مثل علی اصغر قصه مادر
هیچکی خبر نداره از داغ دل او
خدا میدونه قصه پر غصه او
دعا بکن پیش خدا شیرین زبونم
بعد تو خیلی توی این دنیا نمونم
بیام پیشت ببوسم اون صورت ماهت
برا همیشه بمونم بابا کنارت
دعا بکن عزیز من همیشه هر جا
برسونه زودی خدا ظهور آقا
رهبرمونو دعا کن به حق زهرا
برسونه این پرچمو به دست آقا
برا داداشا دعا کن دردونه من
از فتنه این زمونه مصون بمونن
تا حالا ماها دست تو رو می گرفتیم
حالا تو بگیر دست ما رو که نیفتیم
زمین نخوریم عزیزم مواظبون باش
هوامونو بابا از اون بالا داشته باش
مسافر بهشت خدا پشت و پناهت
وعده ما باشه قیامت در کنارت